الاثنين، 25 فبراير 2013

لو عايز تقرأ ..اقرأ .. الموضوع مابقاش فارق..والأقنعة مش موجودة خلاص!!

أغلَقَت الباب ..ولم تنس قبل (رزعه) أن تخبرنى بلهجة تدمى الكبرياء وتسبيها : 
"ماتنسيش تبقى تاخدى الدوا ..مادام انتى كبيرة وعارفة مصلحتك"
كان من المفترض بى على الأقل أن (أُحوِّر) الموضوع .. أن أبدل الأحداث أو أصيرها إلى قصة .. أن أتبع الأسلوب الغير مباشر .. ولكن لا .. زى ما قرأت كده ف العنوان ..الموضوع مابقاش فارق ..والأقنعة مش موجودة خلاص ..الأقنعة ذابت ..الأقنعة رجعت تانى لمجاهل إفريقيا -من حيث جاءت- ..الأقنعة اللى كان مكانها جنب باب الشقة ..بتلبسها قبل ما تخرج ..خلاص اترمت .. عشان كده أدامك فرصة تمشى وماتكملش قراءة ..
ماتنساش إنى حذرتك ..وقد أعذر من أنذر !!
..
أجلس الآن فى توتر كامل .. أخشى أن تعاجلنى بمجيئها المفاجئ .. فتحت (اليوتيوب) .. اخترت مقطوعة لعمر خيرت ..تليق نوعًا ما بالحالة النفسية ،يمكنك مشاركتى الحالة والإستماع إليها من  هنا    ..سأكون فى ورطة كبرى لو لم أنه الكتابة قبل مجيئها ..لذا ادعو لى بالتوفيق ..
منذ نعومة أظافرى .. نما بداخلى ذلك الشعور ..شعور بأنى سأظل طفلة للأبد .. ستنضج إسراء..وستتزوج ليلى .. وسأظل أنا هنا ..أرتشف الشاى باللبن مع كعك البرتقال فى الصباح بينما أقرأ صرخة الرعب أو أشاهد (سبيس تون) .. 
هى المسؤولة ..أنا لم أختر ذلك المصير .. هى أعدتنى لطفولة أبدية ..جاءتنى الصدمة شديدة حين أدركت أن الأمر ليس دائم البقاء .. عرفت قشور الأشياء ..ولم أدلف يومًا إلى بواطنها ..والأهم أنها لم تأخذ بيدى يومًا وتدخل معى البوابة ..التى سأخرج منها ناضجة .. حاول أن تدرك ما أرمى إليه .. عزيزى ..سؤال مثل :" ماما ..هو أنا جيت للدنيا ازاى ؟؟ ." أو "ماما ..هو انتى وبابا جبتونى ازاى ؟"
كنت أبحث عن إجاباتها بينى وبين نفسى ..ومنذ كنت فى السابعة وأنا أدرك أنه ثمة الكثير يخفيه علينا الكبار .. بدوافع لم يدركها عقلى وقتها .. لم يعطنى عقلى الصغير حينئذ إجابات شافية .. أنّى لى أن أعرف ؟؟ .. 
كنت أعلم فى صميم نفسى أنها ستخبرنى يومًا ما .. وسأفهم ..
بلغت الثالثة عشر .. الصف الثانى الإعدادى .. فتاة نحيلة تقرأ كلمة (جنس) فى الكتب ولا تدرى ماهيتها .. أدركت كل شىء من الخارج .. علمنى العالم الخارجى ماهيات الأشياء .. وقضيت أيامًا قاسية أعانى صراعًا داخليًا بين ما عودتنى هى عليه منذ أدركت الدنيا .. وما لقننى إياه العالم الخارجى .. كم من ليلة سهرت فيها لأشهد الصراع بين أصوات التصديق ..وأصوات التكذيب .. لربما اختلقوا كل هذا ..لربما لم تكذب هى علىّ منذ البداية ..لربما لم يفهموا ما ينطوى عليه الأمر بشكل جيد ..
وانتهى بىّ الأمر جالسةً هنا ..أكتب ما أكتب .. ربما لا أملك الشجاعة الكافية لإخبارك وجهًا لوجه بما يعتمل بداخلى .. ولكنى بالتأكيد أملك ما يكفى من الشجاعة لأكتب هنا .. 
يُتبَع .....       

السبت، 9 فبراير 2013

عُملة السعادة (قصة قصيرة جدًا)

                           "عُملة السعادة"

                                           تأليف : رانيا فهمى 
 


أمن أحد هنا ؟؟
آه .. إنها أنتِ .. كيف الحال إذن ؟؟ .. ظننتك ارتحلتِ للشمال ..اما زلت على رغبتك فى البقاء هنا ؟؟
عزيزتى ..ما من شىء لكِ هنا ..الفرص هناك ..فى الشمال ..فلو كنتِ تبغى نصحًا فأنصحك بالسفر فى الحال ..لا بأس يا عزيزتى ..لا تبكى ..الأمور ستتحسن شيئًا فشيئًا ..صدقينى وسترين !!
أرجو ألا تتهميننى بالفظاظة أو التطفل وليكونن فى علمك يا طفلتى ،إنى دائمة السهر على ما فيه الصلاح لكِ .. ولكن ....ألا ترين أن حياتكِ قد صارت قائمة بشكل خاص على التعاسة ..فلا يمر عليك يوم إلا وأنت جالسة فى الحديقة دامعة العينين ..أو هناك فى منزل (سيدة) ..أظننت يومًا أن سيدة لا تحدّثنى عن بقائك بالساعات فى منزلها ..أظننت يا طفلتى أنها تتركك هكذا بمنزلها ولا تحفل بوجودك أو لا تعبأ ؟؟ ..أعنى أنها أحيانًا تتناسى وجودِك ولكنها تأتى على ذكرك كلما جاءتنى فى زيارتها الأسبوعية ...
أواه يا طفلتى .. عمرو كان هنا .. جلس لساعتين بانتظارك ..أعددت له القهوة المضبوطة .. كان يرتدى بذلته السوداء .ألاحظتى أن قياسها أكبر منه بمراحل ؟؟ ..شَرَب القهوة بعينين واجمتين شاردتين .. ثم قرر أن عليه الرحيل ..قال أنه سيعود فى الغد من جديد لأجلك .. الفتى المسكين ..يذكرنى كثيرًا بسيزييف ..
عمرو لا ينفك يتتبع أخبارك ..أما آن الأوان لكِ لتتزوجى ؟؟ .. وإننى والحق يقال لا أرى إلا عمرو الرجل المناسب ..فلم كل هذا الجفاء ؟؟ .. الفتى ابن ناس ..وإنى والله لأراه يسعى خلف كل شىء يرى أنه سيكسبه رضاكِ .. وإنى لأغتبط كثيرًا حين أتخيلكما تقفان معًا وترقصان فى وسط القاعة .. وسيدة ستكون هناك بالطبع .. وستضحك كثيرًا .. وستحضر صور طفولتكِ ...وتبكى   !!
حسن حسن .. أغلقت الموضوع ..ولكن عليك بالتفكير ..ولا تقنطى ولا تـ .........
"آه يا روان ..أتُحدّثين نفسكِ من جديد ؟؟"
"فلتتركيها يا سيدة ..يقولون أنها أفضل طريقة للتنفيس عن ...."
"للتنفيس عن ماذا ؟؟ ..أعن أحزانها أم عن كروبها ؟؟ ..فلتتركنى لحالى يا عمرو . فإنى قد ضقت ذرعًا من كل شىء ..ولو لم أكن أشفق عليها وأحبها لألحقتها بالمصحة منذ زمن ..آه ..ما عاد الإنتحار فكرة سيئة إلى هذا الحد ..فلتأخذنى صاعقة لأستريح ..ولتتركونى لأذهب حيث ألقت !! "
"فقط اهدأى ..أقترح أن تأخذى حمامًا ساخنًا الآن ريثما أعد المائدة للعشاء ..الماء يغسل كل شىء .. "
خيم الصمت لثوانٍ .. ما لبث أن قطعه من جديد مردفًا : 
"لا يستبد بنفسك القلق يا سيدة ..ألا ترينها سعيدة بذلك العالم الكائن خلف أبواب عقلها .. على الأقل هى تنعم بالراحة الآن ..السعادة عملة نادرة يا سيدة .. وإنى والله لأحسدها ..دعيها الآن واذهبى و ....."
صوت امرأة عجوز يقترب شيئًا فشيئًا :
"هل من شىء يا عمرو ؟؟ .. أجدّ جديد ؟؟ ..أراك مستاءًا !!"
تدلف العجوز للغرفة بعينين متسائلتين .. فيعاجلها عمرو بالإجابة :
"لا يا جدتى .. الأمور بخير حال .. حتى إننى لأتساءل عن ذلك الهدوء الذى صار مخيمًا على حياتنا مؤخرًا !! "
الجدة بعد تنهيدة قصيرة : "لعله لا يكون السكون الذى يسبق العاصفة يا عمرو "
أما سيدة ..فابتسمت ..ثم أدارت وجهها ويممته صوب النافذة ..صوب الثوب الأزرق المرصع بالترتر كما أثواب جاريات العصر العثمانى .. حينها استشعرت تلك الدموع التى سرعان ما ستتمرد على المقلتين ..
وقالت بينما تجول بعينيها فى السماء وتصوب بصرها إلى القمر وذلك النجم المتوهج بجانبه : 
"نحن على ما يرام ..نحن على ما يرام !! "