الأحد، 23 ديسمبر 2012

منطق = مش منطق

الأفكار ..
التى تشتم منها رائحة الجنون ظاهرةً جليةً ..كريح الموت المتصاعدة من ليث يتخفى  متربصًا فى أستار الدُجى ..
لو استرجعتها -الأفكار- بعقلك واضعًا المنطق -منطقهم- فى الإعتبار .. ستضحك ملأ الفم من حماقتك الغابرة .. ستلقى كل قصيدة حب خرقاء تفصدت يومًا من قلمك ..كتبتها لفتاة الأحلام المجهولة التى -أنت نفسك- لا تملك لها هوية .. ستلقى كل هذا من شرفتك إلى الهوة السحيقة بأسفلها .. ستترك كل هذا وتمضى فى السبيل بلا نظرة أخيرة إلام تركت ..
أكان لأغانى فيروز دور فى كل هذا ؟؟! 
أهى التى تجعلك راغبًا وبشدة فى أن تسمو بروحك إلى أعلى ..مخبرةً إياك بأن هذا (الأعلى) ما هو إلا الوقوع فى الحب ..
كل هذا لو أننا تحدثنا انطلاقًا من مبدأ أغانى فيروز .. وأرجوكم لا تورطوا الست فيروز فى شىء من هرائنا الشخصى .. نحن نهرطق هنا فلا داعى للغط فى الحديث وإقحام ضحية لا ذنب لها .. 
أما إذا شئنا الحديث من منطقهم .. فإن العكس تمامًا هو الصواب عينه ..  منطقهم يخبرك بأنك على أعتاب حماقة لا قبل لك بها .. ينبئك بأنك تستل سيفًا مثلومًا من الغمد .. فلا قتال لك فى الميدان يا عزيزى !!
أما منطقك .. الذى لا يسير تبعًا لأى من أنواع المنطق ..يشير عليك بالمواصلة والجد فى السير .. يعترف -بغير إكراه- بأن السعادة التى تنتظرك فى الجانب الآخر من المعبر ليست مؤكدة .. لكن مجرد وجود نسبة لإمكانية وجودها يجعلك مطالبًا بالسير الحثيث ..
منطقك -الذى يصطلحون على تسميته بالحماقة المؤكدة- ينبئك بأن هجرك لما بدأت قد صار الحماقة المؤكدة عينها ..ذلك ما يجعلك مختلفًا عن الملتصقين بالمادة إلى حد أنها صارت منهم وذابوا فيها .. فصارت لهم توأمًا سياميًا وصاروا لها بالمثل ..!!
لو نتكلم عن الشتا .. 
نتكلم عن الشتا .. 
الشتاء ليس فصلًا من فصول السنة يا طفلى الساذج .. الشتاء ؟؟ .. طقس بارد إلى حد الصقيع ؟؟ .. يجعلك تمقته إلى حد شق ملابسك طوليًا على إثره؟؟! .. لا لا لا لا .. بتتكلم انت عن حاجة تانية غير الشتا أكيد !! 
الشتاء -شتاءى على الأقل- حلم !!
 كوب الشيكولاتة الساخنة -قهوة فى بعض الأحيان- الذى يبعث منظره وحده على الدفء .. ناهيك عن احتسائه ..الجلوس على كرسيك المفضل ذى الصرير مع كتاب لكاتب مجهول الهوية -أيًا كانت هويته- والمذياع الذى تسّاقط من بين جنباته المعدنية والبلاستيكية نغمات متناسقة الإيقاع تحمل فى طيّاتها صوت فيروز الأثير إذ تشدو : (رجعت الشتوية) أو (حبّيتك بالشتا) .. لا سيّما لو كان ذلك المذياع متهالكًا أو محطم (مدغدغ) .ومقطعةً أسلاكه .. ومن فضلك أيتها الإذاعة الكريمة ..لا تنسى إضافة صوت التشويش الإستاتيكى المحبب الشبيه بصوت تدفق الشلالات إلى كل هذا .. فالمعادلة لا تكتمل إلا به .. الشتاء يا عزيزى حاجة كبيرة ..أبقى هبلة لو قلت انها أكبر مننا .. لأنها ببساطة أكبر مننا بغباااااااء .. 
فمنذ متى يسعف القلم منطقى ؟؟ .. منطقى !! 
هاهااااااااااااا .. منطقى ؟؟ 
حِرت كثيرًا فى مسألة منطقى تلك ..السؤال الأوحد الذى استأثر بخاطرى : 
"لماذا أسميته منطقًا منذ البداية ؟؟! "
 الغريب أن الشتاء يأبى إلا الرحيل آخذًا معه نصف قلمى وثلاثة أرباع هويتى .. تاركًا لى منطقى كعزاء أخير !!

الجمعة، 21 ديسمبر 2012

رغيف

البرد .. واصطكاك الأسنان ..
الصقيع .. وعويل الرياح ..
صفير ..صفير 
أنتِ واقفة تحت مدخل البناية .. تنتظرين ماذا ؟؟ .. وما المهم فى معرفة ذلك ؟.. المهم أنكِ كنت تقفين هنالك .. تكادين تتجمدين من الصقيع .. تشعرين وكأن الدماء التى كانت تسرى يومًا فى عروقك قد تحولت إلى كتل صخرية ذات لون أحمر وردى باهت ..
تستشعرين الفراغ .. تلتقطين هاتفك الجوال من حقيبتك الكحلية .. تتحسسينه .. تتظاهرين بأنكِ تطلبين رقمًا ما .. تضعين الهاتف على أذنكِ اليمنى .. بارد كثلج القطبين .. تزدادين تجمدًا .. تشعرين بأنك مهمة .. لديك الكثير من المعارف وتنتظرين الآن رد أحدهم على اتصالك .. تستفيقين من الغيبوبة .. تنظرين للشاشة البيضاء الخالية .. وتدركين بعقل بارد أنه ...
ما من أحد !!
أذنيك تستشعر أشياءًا .. تسمع إن شئنا الدقة .. دقات الخطوات على السلالم.. ووقع الأقدام .. 
تيك تيك تيك 
أصوات الضحكات تتعالى .. تكادين ترى الأفواه تنفتح كاشفة عن الفكين السفلى/العلوى ..
تنظرين .. تستطلعين .. تشرئبين برقبتكِ محاولة الإبتعاد قدر الإمكان عن مظهر الفضولية المتطفلة ..
الدرج يفتح شدقيه كاشفًا عن فتاتين .. أقدامهما لا تزال تدق على السلالم وحتى الدرجة الأخيرة ..
تنظرين إليهما .. ينظران إليكِ ..
"ياااااه .. انتى لسه واقفة ؟؟ .."
"مش بردانة يا بنتى ؟؟! "
يتأبطان ذراعكِ .. واحدة تتأبط هذا الذراع .. والثانية تتأبط الآخر .. يخرجان بكِ من محيط البناية .. السماء متلبدة الغيوم تنذر بعاصفة قادمة عن قريب .. الغريب أنكِ لا تفهمين .. لا تدركين ما نهاية الأمر ..ومع ذلك تواصلين السير !!
يستوقفانكِ بأن يتوقفا عن السير .. فتتوقفين أتوماتيكيًا استجابةً لرغبتهما .. تنظرين بعينيكِ المكانيتين -تُستخدم لتحديد الأماكن كما هو واضح- محاولةً تكوين صورة للحدود الجغرافية التى تقفين عليها الآن .. فلا تجدين أمامكِ إلا ..
مخبز !!
الفرن المشتعل .. يا للهيبه .. أما زالت تلك الحرارة متوفرة فى نطاق عالمكِ ؟          
الدفء ضيق النطاق يبدأ فى السريان داخل عروقك .. المعوق الوحيد الذى يحول بينك وبين الدفء هو أن ظهركِ بأكمله فى النطاق الآخر (البارد) .. تتقدمين خطوة .. خطوة أخرى .. خطوة مماثلة .. 
ذلك هو الدفء الذى يتحدثون عنه إذن فى كتب العلوم .. استشعريه وقرّى عينًا به ..
الفتاتان تتبعانكِ إلى النطاق .. تخرج واحدة منهما جنيهًا ..وتبادله برغيف ..
ه فطارنا "
"ده فطارك"
"دى عادة عندنا ..كل ما نيجى هنا نشترى واحد"
"واللى متغاظ مننا .. يقلدنا "   
تقسمه لثلاثة أرباع .. تعطيكِ الربع الخاص بكِ .. تترددين للحظة .. فتشد هى على يدكِ .. وتومأ الأخرى برأسها مشجعة .. فتمدين يدكِ إلى الشىء الدافئ .. وتتناولينه من الفتاة .. صار الدفء الآن هو حاكم جزيرتكِ ..
ترفعين ربع الرغيف إلى الفم .. 
وتُمنين نفسكِ بدفء جوّاد ما عاد بلا تجدد !!