الثلاثاء، 2 يوليو 2013

من يدرى ؟؟ .. الحلقة الثالثة

حين يستعصى عليك الفهم .. ويتناهى إلى سمعك صوت الحواجز إذ تدك خلايا الفهم فى عقلك دكًا .. حينها عليك باستحضار صورتها فى ذهنك ..عليك بالتخلص من عطورك الزائفة وبهرجتك الزائدة فإنها لن تفيدك أمامها .. عليك بذلك فلربما تعثر على قلبها فى محارة من المحارات بجانب لؤلؤة ..وسيسدى إليك عمك التاجر نصيحة بإستغلال اللؤلؤة بغية ضمان المستقبل .. ولكنك سترفض وستتباهى بلؤلؤتك الخاصة !!
                               *****
وقد كتبت لكِ يومًا فى خيالى خطابًا .. وتضمن كل شىء .. نعم نعم .. كل شىء .. أوتعلمين شيئًا ؟..يومًا أحضرت ورقة وقلمًا ورحت أكتب وأكتب وأخط على الورقة ما جال بذهنى ..ما تراءى لى فى الخيال .. ولعنت نفسى مائة لعنة لعدم احضارى مزيد من الورق .. ولعل مرد ذلك إلى عدم درايتى بأن الخيال مطاط له القدرة على التمدد .. وما تراءى لى فى الخطاب الخيالى ما لبث فى ثوانى أن تمدد وتحول إلى شىء أكبر منى ..يحتاج بالتأكيد لما هو أكثر من ورقة.. وعكفت على الكتابة .. وانكببت على الورق انكبابًا دام أربعة أيام بلياليها.. أنعزل حتى فى مكتبة المدرسة لأحظى ببعض الهدوء بعيدًا عن الفضول ..وتحين منى التفاتة من حين لآخر إلى أمين المكتبة (عبد الله) الذى أسدل جفنيه منذ زمن طويل  وأسلم لسلطان النوم .. وكان ترك القلم لثوان والتأمل فى عبد الله النائم بمثابة الإستراحة الوحيدة التى تنعم بها أناملى المتورمة بعيدًا عن القلم .. ثم تزيد تأملاتى وأفكر فى أن عينى عبد الله هاتين جديرتين بالتقدير والوضع فى المتحف تعظيمًا لأنهما تنظران إليكِ ومطبوعة صورتكِ على شبكيتهما فى كل حصة مكتبة تأتين فيها إلى هنا .. ثم أثوب إلى رشدى وأسترجع الخطاب الخيالى وتعود لى حمية الكتابة فأكتب كالمجنون .. وأسترجع صورتكِ فى ذهنى ..وأندب الظروف .. وألعن عقلى .. لأنه ليس جديرًا بكِ يا غادة ..
غادة الكاميليا !!
                           *************
اسمه (سالم) .. وهو متيَّم ..
نحيل ..بشدة .. ذو لون خمرى .. عينان عسليتان فاتحتان ..خصلات شعر بنية جامحة تظهر داكنة بعيدًا عن الشمس ..وكأن بهاءه قد خُلق ليكتمل بـ(نور ربنا) كما يقولون.. يضفى كل هذا عليه طابعًا خاصًا .. كان من الصعب عليه شقّ طريقه فى المدرسة الإعدادية فضلًا عن شق طريقه فى المدرسة الثانوية ..فكما تعلمون فإن الرزانة والهدوء فى عالم الفتيان ليستا عملتين ناجحتين إلى هذا الحد ..فلن يتقدس وجوده باعتباره المثقف أو الفهّامة .. بل سيشكل خطرًا على العشيرة .. إذ أن هذا من شأنه إضعافها ..لذا فعليهم أن يضعوا لسانه فى جوفه على الفور وأن يلجموه ويخرسوه إذا لم يتواطئ معهم ..لذا فعليه أن يجوس وحده فى فترة الإستراحة (الفسحة) بالحوش كالشبح .. هائمًا كأنه يطفو ..
زهرة حائط كما يطلقون عليهم فى المجتمع الغربى .. ولا يتبادرَنَّ لذهنك أنها وسيلة أخرى لجذب الفتيات إليه .. الفتى الهادئ رزين الملامح .. لا يشترك فى المشادات ..عفيف اللسان ..فتتساءل الفتاة منهن :"أى أفكار عبقرية تدور فى ذهنه فى فترات صمته تلك .."
ويطلبن التقرب منه بما إنه (مختلف) .. وتتحجج الفتاة أمام زميلاتها بأنه (مستر رايت) ..وأنها سأمت تفاهة الفتيان وأنه (مختلف) 
لا لا لا لا يا عزيزى ..ذلك ضرب من ضروب الخيال العلمى !!
احذف وامح كل هذا الهراء الخالى من المنطق .. أى من هذا لا يحدث أبدًا . لم ولن يحدث يومًا يا عزيزى ..
.
فقط يهيم وحده ثم يحظى بالنظرة اليومية إليها ..نظرة واحدة فى نهاية اليوم .. وقت المرواح ..بينما تكون هى منهمكة فى أوراق لا يدرى لها كنهًا ولا محتوى ....

تُرى أى سحر فى تلك الأوراق يأسرها وعينيها بهذا الشكل ..فلا تحول عن الأوراق النظر ولا ترفع البصر للحظة .. أيًا كان ذلك الذى فى الأوراق ..فهو آسف أشد الأسف لعدم امتلاكه !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق