الاثنين، 3 ديسمبر 2012

أن أختفى


فقط أخشى يوم أذهب إليهم .. أحدثهم عن هؤلاء الذين أَلَفْتهم .. فأجدهم يقلبون أكفهم فى حيرة .. ويسألوننى عم أتكلم .. وحين يدركون أخيرًا فيم أتكلم .. يهزون رءوسهم فى عدم فهم .. ويقولون أنهم لم يسمعوا قبلًا عن فلان العلانى هذا الذى أتحدث عنه بإصرار .. أخشى ذك كثيرًا .. فيبدو الأمر وكأنهم لم يكونوا قط .. أنت تقرأ عن ذلك الأمر كثييييييرًا فى رواياتك ..حاولت وضع نفسك فى الموقف عينه ولكنك لم تستطع أن تضع نفسك فى قلب الموقف بحق .. حاولت وضع نفسك فى الموقف .. ولكن ذلك أنساك متعة الرواية التى كنت تطالعها .. فتقرر أن تنسى الأمر برمته .. وتستكمل القراءة فى نهم ..
أو حين تحدث صديقًا عن ذلك الأمر . فيظنك تتحدث عن صديقتك القديمة التى هجرتك .. فيبدأ بالإشاحة بيديه فى وجهك ..ويبدأ قى قول أن :
"طز فيهم كلهم أصلًا .. مفيش واحدة تستاهل .. يا عم ده انت تحمد ربنا .. طب دى أقسم بالله كانت شبه جوز خالتى ..كنت عايز آخد منها صورتها وأوريها لجوز خالتى وأقوله يخلق م الشبه أربعين .. أيوه والله يابنى !! "
تتحسر على الوقت الذى ستضيعه فى محاولة شرح فحوى كلامك ومغزاه الحقيقى له .. وتفضل توفير الوقت .. فتشاركه الردح وتقطيع فروتـ(ها) .. أيًا كانت هذه الـ (ها) .. حتى إن لم يكن لها وجود من الأصل .. فإن مجرد الحديث عنـ(ها) ينسيك ألمك لما قد قفز على ساحة أحداثك ..
أن يوجد الشخص ..ثم لا يعود ..
أو لا يكون ..
وتظل أنت تذكره فى صمت .. فى البداية لن تكف عن الصراخ ..وملأ أسماع الناس بـ (هراءك الشخصى)  - على حد قولهم- ..وترهاتك وهواجسك الشخصية -على حد قولهم كذلك- .. وسيلقبونك بكافة أنواع الألقاب بداية من (مختل) و (سايكوباث) وانتهاءًا بـ (مخاوى) و (بتاع حاجات م اللى بتخفف الدماغ)
فتقرر فى صمت أن تصمت .. أن تعتقد بوجودهم على حسابك الشخصى .. تكف عن الحديث فى الموضوع .. ولو أتاك أحدهم وسألك :
"انت كنت مجنون يا عم ولا ايه ؟؟ .. أنا فاكر من سنتين كنت هاتجنن أو كنت مجنون فعلًا .. وكنت قاعد تفترض وجود ناس مش موجودة .. وكنت بتقعد تحلفلى أنا والواد أيمن ميت يمين إنهم موجودين .. أو انك لسه قافل معاهم ع التليفون من ساعتين ..ونقعد أنا والواد أيمن نضرب كف بكف .. وانت مش معانا خاااااااالص .. وكمان فاكر الـ ........."
فتقاطعه أنت بكف مفتوحة .. متسائلًا عن ذلك الهراء الذى يتحدث عنه .. مدعيًا أنك لم تتحدث قبلًا فى ذلك الموضوع .. وأن ذاكرته تحتاج إلى أعمدة إنشاء جديدة .. لأن الأعمدة القديمة -على ما يبدو- قد تداعت .. وأنك لا تعرف عم يتحدث بالضبط .. 
ولأنه لا يبغى محادثة أو مناقشة .. يتوقف صديقك عن رشاش الكلمات الذى انطلق فجأة على حين غرة من بين شدقيه .. ويصمت .. ربما تكون قد أقنعته بأنك لم تكن قط مجنونًا .. ولكنك فى قرارة نفسك تؤمن بأن هؤلاء (الأشخاص) أو الـ (كائنات) .ضعها تحت أى مسمى..  وُجدت يومًا .. وتعامل معها الجميع يومًا .. الجميع بما فيهم أنت .. لمستهم .. أحسست بهم .. تواجدت معهم فى ذات الغرفة .. اصطدت معهم الضفادع .. سرقت معهم الحلاوة الطحينية من مطبخ زوجة خالك ..   
ليس الأمر بهذه السهولة .. 
الإختفاء ..
وإلا لكانت الحياة جنة صغيرة .. أى شخص سأم حياته لا يلجأ للإنتحار إذن .. إليه بالإختفاء .. 
ولكن أين هو زر الإختفاء فى جسدى؟ ..حتى أضغط عليه وألحق بالسابقين .. 
لا أجده للأسف ..
وحتى أجده ..
فـإنه ...
تصبحوا على خير !!    

..
(تدوينة على شرف : الرجل الذى لم يكن )     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق