الجمعة، 21 ديسمبر 2012

رغيف

البرد .. واصطكاك الأسنان ..
الصقيع .. وعويل الرياح ..
صفير ..صفير 
أنتِ واقفة تحت مدخل البناية .. تنتظرين ماذا ؟؟ .. وما المهم فى معرفة ذلك ؟.. المهم أنكِ كنت تقفين هنالك .. تكادين تتجمدين من الصقيع .. تشعرين وكأن الدماء التى كانت تسرى يومًا فى عروقك قد تحولت إلى كتل صخرية ذات لون أحمر وردى باهت ..
تستشعرين الفراغ .. تلتقطين هاتفك الجوال من حقيبتك الكحلية .. تتحسسينه .. تتظاهرين بأنكِ تطلبين رقمًا ما .. تضعين الهاتف على أذنكِ اليمنى .. بارد كثلج القطبين .. تزدادين تجمدًا .. تشعرين بأنك مهمة .. لديك الكثير من المعارف وتنتظرين الآن رد أحدهم على اتصالك .. تستفيقين من الغيبوبة .. تنظرين للشاشة البيضاء الخالية .. وتدركين بعقل بارد أنه ...
ما من أحد !!
أذنيك تستشعر أشياءًا .. تسمع إن شئنا الدقة .. دقات الخطوات على السلالم.. ووقع الأقدام .. 
تيك تيك تيك 
أصوات الضحكات تتعالى .. تكادين ترى الأفواه تنفتح كاشفة عن الفكين السفلى/العلوى ..
تنظرين .. تستطلعين .. تشرئبين برقبتكِ محاولة الإبتعاد قدر الإمكان عن مظهر الفضولية المتطفلة ..
الدرج يفتح شدقيه كاشفًا عن فتاتين .. أقدامهما لا تزال تدق على السلالم وحتى الدرجة الأخيرة ..
تنظرين إليهما .. ينظران إليكِ ..
"ياااااه .. انتى لسه واقفة ؟؟ .."
"مش بردانة يا بنتى ؟؟! "
يتأبطان ذراعكِ .. واحدة تتأبط هذا الذراع .. والثانية تتأبط الآخر .. يخرجان بكِ من محيط البناية .. السماء متلبدة الغيوم تنذر بعاصفة قادمة عن قريب .. الغريب أنكِ لا تفهمين .. لا تدركين ما نهاية الأمر ..ومع ذلك تواصلين السير !!
يستوقفانكِ بأن يتوقفا عن السير .. فتتوقفين أتوماتيكيًا استجابةً لرغبتهما .. تنظرين بعينيكِ المكانيتين -تُستخدم لتحديد الأماكن كما هو واضح- محاولةً تكوين صورة للحدود الجغرافية التى تقفين عليها الآن .. فلا تجدين أمامكِ إلا ..
مخبز !!
الفرن المشتعل .. يا للهيبه .. أما زالت تلك الحرارة متوفرة فى نطاق عالمكِ ؟          
الدفء ضيق النطاق يبدأ فى السريان داخل عروقك .. المعوق الوحيد الذى يحول بينك وبين الدفء هو أن ظهركِ بأكمله فى النطاق الآخر (البارد) .. تتقدمين خطوة .. خطوة أخرى .. خطوة مماثلة .. 
ذلك هو الدفء الذى يتحدثون عنه إذن فى كتب العلوم .. استشعريه وقرّى عينًا به ..
الفتاتان تتبعانكِ إلى النطاق .. تخرج واحدة منهما جنيهًا ..وتبادله برغيف ..
ه فطارنا "
"ده فطارك"
"دى عادة عندنا ..كل ما نيجى هنا نشترى واحد"
"واللى متغاظ مننا .. يقلدنا "   
تقسمه لثلاثة أرباع .. تعطيكِ الربع الخاص بكِ .. تترددين للحظة .. فتشد هى على يدكِ .. وتومأ الأخرى برأسها مشجعة .. فتمدين يدكِ إلى الشىء الدافئ .. وتتناولينه من الفتاة .. صار الدفء الآن هو حاكم جزيرتكِ ..
ترفعين ربع الرغيف إلى الفم .. 
وتُمنين نفسكِ بدفء جوّاد ما عاد بلا تجدد !! 
            

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق