الأربعاء، 29 أغسطس 2012

تجربة فريدة من نوعها ..بين جدران أربعة


اليوم .. 
اكتشفت أننى لم أجرب قبلاً ان أٌحبَس بين أربعة جدران حقيقية ...
كنت أخاف التجربة خاصةً مع الكلام السخيف الذى كان يردده مدرسو المدرسة زمان عن حجرة الفئران الضيقة التى لن تجد فيها موضعاً لقدمك حتى ..وتحاصرك الفئران فيها وتقفز عليك وتقتلع عينيك فى ضراوة أسود كالاهارى ..بعيداً عن كل هذا السخف .. أحب أن أحكى لك تجربتى المتواضعة فى هذا الصدد ..
اليوم - 29/8/2012 - استيقظت فى الثامنة صباحاً -دى مرة من المرات النادرة اللى بانام فيها بدرى وباصحى فيها بدرى- ..كل المخلوقات اللى ساكنة معايا ف البيت كانوا نايمين .. دخلت الحمام وغسلت وشى واتوضيت وكده .. ثم ماذا ؟؟ .. ثم أن الباب لا يُفتَح !! 
القِفل (مزرجن) ويحتاج إلى زيت من نوع محترم وهايبقى أحسن لو كان مستورد عشان يتفتح .. وطبعاً من الغير ممكن أنى أحضر زيت من هذا النوع فى بلد محدودة زى محروستنا .. وبعدين هاجيب منين أنا زيت أزيت بيه الباب وانا محبوسة جوه .. المهم أننى استخدمت كل قوتى .. وعضلاتى المتواضعة التى كونتها من لعب الكونج فو .. واشتغلت ضربات روسية على أم الباب اللى مش راضى يتفتح ده .. حتى أننى دهنت يدى بالـ(برسيل) .. طبعاً هذا شئ فظيع جداً -دهن اليد بالبرسيل- ..حقيقةً لا أعرف العِبرة من دهن اليد بالبرسيل ولا لماذا فعلت ذلك .. ولكننى أردت إشعار نفسى بأنى فتاة تعرف ما يجب عمله لتخرج من هنا .. ربما لأجعل يدى (تنشف) قليلاً وربما حينها أنجح فى فتح الباب ..لا أعرف حقيقة .. 
ثم أننى وجدت مفكاً أصفر اللون عامل زى البتاعة كده ..مفك صلعوك-لو صح التعبير- وأخذت أنهال به على القِفل العنيد ضرباً .. حتى أننى لأظن أنى أخرجت كل مخزون ساديتى وماسوشيتى على ذلك القِفل ابن الـ***** ده !!
ألا تظننون أننى أحتاج إلى قدر كبير جداً جداً جداً من النحس حتى لا يستيقظ أهل البيت على مثل هذه الضجة التى أظن أن مومياء تحتمس الأول قد استيقظت هناك فى وادى الملوك والملكات عليها ؟؟
قضيت حوالى نصف الساعة ..أتخبط هنا وهناك ..أجرب كل الوسائل -السخيف منها والقوى- فى النهاية استيقظت أمى -بمعجزة ما- وبدأت تسألنى : "هو فيه ايه ؟؟!"
فبدأت أشرح لها شرحاً وافياً من وراء الباب الصامد أمام ركلاتى المرتجلة .. وأخذت تقول لى أشياءاً على غرار : "نشفى ايدك..اعملى اى حاجة بالمفك اللى عندك .. جمدى ايدك شوية .. فين القوة ؟!! "
وهنا يجب أن أقول ان هناك شباك صغير مشترك بين الحمام والمطبخ .. فتحة صغيرة مشتركة بينهما .. لذا لم أجد بداً من خوض هذه المغامرة ..
"ماما .. افتحى الشباك .."
"انتى اتجنننتى ؟؟ .. شباك ايه بس  ؟.. جمدى ايدك شوية بس .. "
"مفيش فايدة كده .. هو مش هايتفتح مهما عملنا .. روحى بس افتحى الشباك وانا هاتصرف وهاتكفل بالباقى ."
فى النهاية رضخت أمى .. إذ أنها ادركت أنه ما من فائدة للعبث السيزييفى اللى احنا كنا شغالين فيه ده ..
"فتحته ..ورينى هاتعملى ايه بقى ..هاتموتى وتكسرى رقبتك ف الآخر"
يا سلاااااام  .. (هاموت وهاكسر رقبتى) ..تعبير جميل .. لو مت ..فلن يشكل كسر رقبتى فارقاً كبيراً ..فالموتى لا يهتمون كثيراً بهذه التفاصيل !! 
هى محاولة مرتجلة جداً لواحدة محبوسة بين أربعة جدران .. لن أنتظر عربة المطافئ حتى تأتى وتنتشلنى من بين الجدران الأربعة .. سأرتجل وأتصرف بنفسى !!
المهم أننى وقفت على طبق غسيل كده كان مليان على آخره غسيل .. وقفت فوقه ..مش مهم بقى الغسيل يبقى يتغسل بعدين .. ثم أننى تسلقت منه إلى الغسالة .. وقفت فوق الغسالة ..الشباك ذو الموضع العالى أمامى مباشرة .. سأقفز فقط لأقف على قطعة الرخام بداخله التى تصلح للوقوف فوقهاعليها .. تشبثت بماسورة مياه شكلها لا يسر الناظرين و ...
قفزت !! 
تمسكت سريعاً ووقفت على الرخامة ..حشرت جذعى الناحل داخل الشباك الصغير .. كنت نصف جالسة نصف واقفة .. أرى المطبخ ..قفزة محسوبة أخرى وسأصل لأقف على الفريزر ..
ثم .. 
تباً ، لا أستطيع القفز ..لست أملك دفعاً كافياً .. أى أننى كالسهم الموضوع فى قوس غير مشدود ..كيف لى أن أنطلق وقوسى غير مشدود ؟؟ هه ؟؟
يجب إذن أن ألقى بجذعى إلى الوراء ..ثم أقفز ..أرى أمى فى المطبخ ترمق كل هذا وتكاد تطلب المطافئ فعلاً .. 
دفعت بجذعى إلى الخلف وكدت أقع وأدق عنقى لولا أن تمسكت بتلك الماسورة التى أدين لها بالكثير حقيقةً .. ثم ..
هوبااااااا.. قفزة محسوبة ..
هأنذا فوق الفريزر .. هوف ..سوف أقفز من جديد حتى أقف على ذلك الكرسى الخشبى .. فى تلك اللحظة فهمت فعلاً ما هو شعور (القفز فى الهواء مترين) !! 
المهم أننى أخيراً وقفت على أرض صلبة واكتفيت من القفز بقية حياتى .. لا أريد أن اسمع كلمة (قفز) لمدة لا تزيد عن العشرين عام ..قفزت  اليوم من المرات حتى شعرت أننى كأى صرصور (فور أُعلوز) يحترم صرصوريته !! 
فليذهب قفل الحمام إلى الجحيم .. سأهشم هذا الباب على رأس من صنعوه .. منعتنى أمى بصعوبة من تهشيم الباب ..وقررت حل الموضوع بعقلانية وهدوء ..أحضرت مفكاً وفتحت الباب فى عشر دقائق .. ارتفع الدم إلى نافوخى فى هذه اللحظة 
"ماما.. ماكنتى تعملى كده من الأول بدل المغامرة الوايلد دى !! "
ثم نسيت الأمر برمته وذهبت لأقرأ !! 
ولكن لا أخفى عليكم سراً ..كنت منذ طفولتى أحلم بتسلق هذا الشباك .. حلم طفولى كده ..من المطبخ إلى الحمام ومن الحمام إلى المطبخ 
تمنيت أن لو قالت لى أمى : "روحى اغسلى ايديكى قبل الأكل" أن أقفز منه إلى الحمام مباشرة ثم أغسل يدى وأقفز من جديد إلى المطبخ مباشرة ..
فقط الأمر يوفر لك قدراً صغيراً من الحرية فى عالم كعالمنا .. وكأنه انتقال آنى مثلاً أو جهاز انتقال بين الأبعاد أو حتى صاروخ عابر للقارات ..لا يهم ..اطلق على الأمر ما تتمنى من الأسماء !! 
كانت تلك تجربة 
تجربة فريدة من نوعها :))

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق