بنطلونى الجينز جاء ..
بنطلونى الجينز راح ..
بنطلونى الجينز كان هنا ..
بنطلونى الجينز كان طول عمره هنا ..
لأن بنطلونى الجينز جاء ليبقى !!
..
أمى تصر على أن أتبرع ببنطالى الجينز القديم لجمعية رسالة .. رغم أنى أعطيتها كل ما أملك فى دولابى من ملابس قديمة ..كما أعطيتها ألعابى القديمة بما فيها الحيوانات البلاستيكية العزيزة على قلبى التى بدأت تجميعها منذ كنت فى الثالثة ..فعلت كل هذا -على سبيل التمويه- محاولةً التغطية على أمر بنطالى الجينز القديم .. لكنها -أمى- لا تلبث أن تقول :
"البنطلون ده بقاله 7 سنين عندك ..ماينفعش كده ..هاتيه يلا .."
فأعترض أنا : "لأ لأ .. أنا عايزة أحتفظ بيه .. ذكرى خالدة !!"
"خليكى يا حبيبتى مع حاجاتك القديمة دى وذكرياتك الخالدة .. هاتملالنا البيت عتَّة وحشرات وقرف "
بعد هذه الجملة أنعم بساعتين من الراحة قبل أن تعود أمى لإلحاحها علىَّ .. ولكنى ما أنفك أرفض فى إصرار ..
لماذا ؟؟!
مش سؤال ..
مش عارفة !
بنطال معمول منه 136765 بنطال .
فما الذى يميزه إلى هذا الحد ؟؟!
قماش جينز داكن اللون ..وسحاب -سوستة- نحاسي .. جيوب صغيرة تناسب يدى الصغيرة التى كانت تُدَس داخله -منذ سبع سنوات- لتنعم بالدفء فى الشتاء ..أو لتخفى الألعاب البلاستيكية داخلها !
"بس يا ماما ده لسه مقاسى ..لسه بيدخل فيَّا !! "
"هاها ..مقاسك ..بدليل انه واصل لتحت ركبتك بشوية !"
"مش مشكلة ..اعتبره بنطلون برمودا ..أو بانتاكور .. مش إشكال يعنى !!"
فتضرب أمى كفًا بكف .. وتقول كلامًا كثيرًا عن أن الله كافأها فى الدنيا بأن جعلها تلدنى .. تقول -ساخرة- بأن هذه أكبر نعمة فى حياتها ..وأن (الزن) و(الزعيق) لم يتوقفا لحظة منذ ولدت ..وهذه نعمة كبيرة أنعم بها الله عليها .. وتجعل تقول وهى تنظر إلى سقف الحجرة :
"انا عارفة يا رب انك بتكافأنى والله .. الحمد لله .. بابوس ايدى وش وضهر .. اجعل جزاءى الجنة يا رب !! "
ثم تنسى الأمر برمته وتذهب لتحضير (المسقعة) .. ثم لا تمر ساعتان حتَّى تأتى من جديد وتخبرنى بأن الأمر قد بلغ منحنى خطير بالغ الخطورة ..وأن علىَّ التبرع ببنطالى الجينز القديم فورًا !!
"يعنى الناس تقول علينا شحاتين مش لاقيين لبس؟ ..وبيلبسوا لبس بقالوا 7 سنين ؟؟!"
"طب هم الناس هايعرفوا منين ان البنطلون بقاله 7 سنين عندى ..عندهم جهاز تحديد عمر البنطلونات ؟؟! ..وبعدين مالهم الشحاتين ؟ .. حظهم وحش شوية بس موجودين وكائنين .."
ثم أُدخلها فى دوامة فلسفية طويلة ..ثم أبدأ فى الحديث عن الفلسفة التناقضية الغير مستوية نظريًا فى الوجودية المستقبلية فى عصر (نيتشه ) !!
أسلوب (الإلهاء) الذى تعلمته منها شخصيًا ..حينما كنت فى الثالثة من عمرى ..وكنا نذهب لشراء ملابس العيد .. فينتبه جهاز البحث عن الألعاب بداخل نفسى الطفلة .. ويدق ويرن فى إنذار مدوى : "تيت تيت ..هناك لعبة .. تيت تيت ..انظرى هناك لعبة !!"
فأصيح بلا تفكير : "عايزة دى ..ماما ..عايزة دى ..لعبة ..هاتيهالى ..عايزة اللعبة دى يا ماما "
وتتبدل ملامحى منذرة بعاصفة من البكاء قادمة ..العاصفة التى لا تبقى ولا تذر ..العاصفة التى لا تبالى بالمظهر الإجتماعى -بل ولا تعرف ما هو أساسًا- ..غالبًا لا تكون عاصفة مبشرة بالخير ..عاصفة من ضرب الأرض بالقدمين والخبط باليد على فاترينات المتاجر ..ولا بأس من بعض التقيؤ فى وجه البائعة المسكينة التى لم تكن تعرف وهى تقرأ حظها اليوم فى الجريدة أنها تقرأ فى البرج الخاطئ ..وأن فى برجها الحقيقى مكتوب : "كارثة فى الطريق ..احترس !! "
المهم أن تصرف أمى فى مثل تلك اللحظات العصيبة كان بسيطًا جدًا ..تصرف ورثته عن أمها ..وورثته أمها عن جدتها ..وستورثه لى ولأختى فيما بعد ..
"رونى رونى رونى ..بصى الأنوار الحلوة الجميلة بتاعة المحل ده .. بصى أنوار ملونة وحلوة ازاى .. تعالى نتفرج عليها ..الله ..شايفة الجمال ؟؟! "
"حلوة ..أوى ..حلوة !!"
أسلوب (الإلهاء) ..وسيلة لإنقاذ الموقف ..بند متفق عليه غير مكتوب ..
فيما بعد انتبهت لمثل تلك الأساليب طبعًا ..لا تظنن أن الأطفال بهذا الغباء ..وبدأت أعود للموضوع الذى بدأته غير مبالية بما تقوله أمى عن (الأضواء الجميلة) و (الدباديب ذات اللون البنفسجى) ..
"طب بصى الأنوار الحلوة بتاعة الـ..."
"لأ انا عايزة اللعبة دى ..عايزااااااها !!"
"طب شفتى الدبدوبة الجميلة دى ؟؟ .."
"آه ..جميلة وكمان هى ... ، لاااااااا ..ماتحاوليش تلهينى ..انا عايزة اللعبة دى ..هاتيلى اللعبة دى ...عااااااااااااااااااا "
..
انقلب الوضع بعد سنوات طوال ..وبدأت أفعل بعدما كان يُفعَل بى ..
ولكنها -أمى- تفطن للأمر ..فتنظر إلىَّ نظرة ماكرة ..وتضيق عينيها .. وتقول فى ثقة :
"ده انا اللى معلماكى ..هاتضحكى ع المدرس ؟؟ .. هاتى البنطلون يا بت !! "
..
فقط تمنوا لى الحظ الوافر فى عملية (الإلهاء) ..أفكر هذه المرة فى أن أتحدث عن ميكانيكا الكَم والكيف وابتكار طرق جديدة للقياس تزيد من دقتها ودور (ابن الهيثم) فى تكوين نظريات البصريات فى عصور ازدهار الأندلس ..
فقط آمل أن تنسى أمر بنطلونى الجينز القديم !!
بنطلونى الجينز راح ..
بنطلونى الجينز كان هنا ..
بنطلونى الجينز كان طول عمره هنا ..
لأن بنطلونى الجينز جاء ليبقى !!
..
أمى تصر على أن أتبرع ببنطالى الجينز القديم لجمعية رسالة .. رغم أنى أعطيتها كل ما أملك فى دولابى من ملابس قديمة ..كما أعطيتها ألعابى القديمة بما فيها الحيوانات البلاستيكية العزيزة على قلبى التى بدأت تجميعها منذ كنت فى الثالثة ..فعلت كل هذا -على سبيل التمويه- محاولةً التغطية على أمر بنطالى الجينز القديم .. لكنها -أمى- لا تلبث أن تقول :
"البنطلون ده بقاله 7 سنين عندك ..ماينفعش كده ..هاتيه يلا .."
فأعترض أنا : "لأ لأ .. أنا عايزة أحتفظ بيه .. ذكرى خالدة !!"
"خليكى يا حبيبتى مع حاجاتك القديمة دى وذكرياتك الخالدة .. هاتملالنا البيت عتَّة وحشرات وقرف "
بعد هذه الجملة أنعم بساعتين من الراحة قبل أن تعود أمى لإلحاحها علىَّ .. ولكنى ما أنفك أرفض فى إصرار ..
لماذا ؟؟!
مش سؤال ..
مش عارفة !
بنطال معمول منه 136765 بنطال .
فما الذى يميزه إلى هذا الحد ؟؟!
قماش جينز داكن اللون ..وسحاب -سوستة- نحاسي .. جيوب صغيرة تناسب يدى الصغيرة التى كانت تُدَس داخله -منذ سبع سنوات- لتنعم بالدفء فى الشتاء ..أو لتخفى الألعاب البلاستيكية داخلها !
"بس يا ماما ده لسه مقاسى ..لسه بيدخل فيَّا !! "
"هاها ..مقاسك ..بدليل انه واصل لتحت ركبتك بشوية !"
"مش مشكلة ..اعتبره بنطلون برمودا ..أو بانتاكور .. مش إشكال يعنى !!"
فتضرب أمى كفًا بكف .. وتقول كلامًا كثيرًا عن أن الله كافأها فى الدنيا بأن جعلها تلدنى .. تقول -ساخرة- بأن هذه أكبر نعمة فى حياتها ..وأن (الزن) و(الزعيق) لم يتوقفا لحظة منذ ولدت ..وهذه نعمة كبيرة أنعم بها الله عليها .. وتجعل تقول وهى تنظر إلى سقف الحجرة :
"انا عارفة يا رب انك بتكافأنى والله .. الحمد لله .. بابوس ايدى وش وضهر .. اجعل جزاءى الجنة يا رب !! "
ثم تنسى الأمر برمته وتذهب لتحضير (المسقعة) .. ثم لا تمر ساعتان حتَّى تأتى من جديد وتخبرنى بأن الأمر قد بلغ منحنى خطير بالغ الخطورة ..وأن علىَّ التبرع ببنطالى الجينز القديم فورًا !!
"يعنى الناس تقول علينا شحاتين مش لاقيين لبس؟ ..وبيلبسوا لبس بقالوا 7 سنين ؟؟!"
"طب هم الناس هايعرفوا منين ان البنطلون بقاله 7 سنين عندى ..عندهم جهاز تحديد عمر البنطلونات ؟؟! ..وبعدين مالهم الشحاتين ؟ .. حظهم وحش شوية بس موجودين وكائنين .."
ثم أُدخلها فى دوامة فلسفية طويلة ..ثم أبدأ فى الحديث عن الفلسفة التناقضية الغير مستوية نظريًا فى الوجودية المستقبلية فى عصر (نيتشه ) !!
أسلوب (الإلهاء) الذى تعلمته منها شخصيًا ..حينما كنت فى الثالثة من عمرى ..وكنا نذهب لشراء ملابس العيد .. فينتبه جهاز البحث عن الألعاب بداخل نفسى الطفلة .. ويدق ويرن فى إنذار مدوى : "تيت تيت ..هناك لعبة .. تيت تيت ..انظرى هناك لعبة !!"
فأصيح بلا تفكير : "عايزة دى ..ماما ..عايزة دى ..لعبة ..هاتيهالى ..عايزة اللعبة دى يا ماما "
وتتبدل ملامحى منذرة بعاصفة من البكاء قادمة ..العاصفة التى لا تبقى ولا تذر ..العاصفة التى لا تبالى بالمظهر الإجتماعى -بل ولا تعرف ما هو أساسًا- ..غالبًا لا تكون عاصفة مبشرة بالخير ..عاصفة من ضرب الأرض بالقدمين والخبط باليد على فاترينات المتاجر ..ولا بأس من بعض التقيؤ فى وجه البائعة المسكينة التى لم تكن تعرف وهى تقرأ حظها اليوم فى الجريدة أنها تقرأ فى البرج الخاطئ ..وأن فى برجها الحقيقى مكتوب : "كارثة فى الطريق ..احترس !! "
المهم أن تصرف أمى فى مثل تلك اللحظات العصيبة كان بسيطًا جدًا ..تصرف ورثته عن أمها ..وورثته أمها عن جدتها ..وستورثه لى ولأختى فيما بعد ..
"رونى رونى رونى ..بصى الأنوار الحلوة الجميلة بتاعة المحل ده .. بصى أنوار ملونة وحلوة ازاى .. تعالى نتفرج عليها ..الله ..شايفة الجمال ؟؟! "
"حلوة ..أوى ..حلوة !!"
أسلوب (الإلهاء) ..وسيلة لإنقاذ الموقف ..بند متفق عليه غير مكتوب ..
فيما بعد انتبهت لمثل تلك الأساليب طبعًا ..لا تظنن أن الأطفال بهذا الغباء ..وبدأت أعود للموضوع الذى بدأته غير مبالية بما تقوله أمى عن (الأضواء الجميلة) و (الدباديب ذات اللون البنفسجى) ..
"طب بصى الأنوار الحلوة بتاعة الـ..."
"لأ انا عايزة اللعبة دى ..عايزااااااها !!"
"طب شفتى الدبدوبة الجميلة دى ؟؟ .."
"آه ..جميلة وكمان هى ... ، لاااااااا ..ماتحاوليش تلهينى ..انا عايزة اللعبة دى ..هاتيلى اللعبة دى ...عااااااااااااااااااا "
..
انقلب الوضع بعد سنوات طوال ..وبدأت أفعل بعدما كان يُفعَل بى ..
ولكنها -أمى- تفطن للأمر ..فتنظر إلىَّ نظرة ماكرة ..وتضيق عينيها .. وتقول فى ثقة :
"ده انا اللى معلماكى ..هاتضحكى ع المدرس ؟؟ .. هاتى البنطلون يا بت !! "
..
فقط تمنوا لى الحظ الوافر فى عملية (الإلهاء) ..أفكر هذه المرة فى أن أتحدث عن ميكانيكا الكَم والكيف وابتكار طرق جديدة للقياس تزيد من دقتها ودور (ابن الهيثم) فى تكوين نظريات البصريات فى عصور ازدهار الأندلس ..
فقط آمل أن تنسى أمر بنطلونى الجينز القديم !!